ومن هذا القسم ما ورد في أمثال العرب كقولهم إيَّاكَ وَعَقِيِلَةِ المِلْح وذاك كناية عن المرأة الحسناء في مَنْبِتِ السوءفإن عقيلة الملح هي اللؤلؤة وتكون في البحر فهي حسنة وموضعها ملح .
وكذلك قولهم لبس له جلد النمرِكناية عن العداوة وقد يقاس على هذا أن يقال ليس له جلد الذئب ولبس له جلد الأرقم لأن هذا كله مثل قولهم لبس له جلد النمر إذا العداوة محتملة في الجميع وكذلك قولهم قلب لهم ظهر المجن كناية عن تغيير المودة .
ومما ورد في ذلك شعرا قول أبي نواس .
( لاَ أَذُودُ الطَّيْرَ عَنْ شَجَرٍ ... قَدْ بَلَوْتُ المُرَّ مِنْ ثَمَرِهْ ) .
وهذا له حكاية وهو أنه كان لأبي نواس صديقة تغشاه فقيل له إنها تختلف إلى آخر من أهل الريب فلم يصدق ذلك حتى تبعها يوما من الأيام فرآها تدخل منزل ذلك الرجل ثم إن ذلك الرجل جاءه وكان صديقا له فكلمه فصرف وجهه عنه ثم نظم قصيدته المشهورة التي مطلعها .
( أَيُّهَا المنْتَابُ عَنْ عُفُرِهْ ... ) .
وهذا البيت من جملة أبياتها .
وكذلك ورد قوله أيضا .
( وَناظِرَةٍ إِليَّ مِنْ النِّقَابِ ... تُلاحِظُنِي بِطَرْفٍ مُسْتَرَابِ ) .
( كَشَفْتُ قِنَاعَهَا فَإِذَا عَجُوزُُ ... مُمَوَّهَةُ المَفَارِقِ بِالْخِضَابِ ) .
( فَمَا زَالَتْ تُحَمِّسُنِي طَوِيلاً ... وَتَأْخُذُ فِي أَحَادِيثِ التَّصَابِي )