الوضوء على الرجل إذا لمس المرأة وذلك هو الحقيقة في اللمس وذهب غيره إلى أن المراد باللمس هو الجماع وذلك مجاز فيه وهو الكناية وكل موضع ترد فيه الكناية فإنه يتجاذبه جانبا حقيقة ومجاز ويجوز حمله على كليهما معا وأما التشبيه فليس كذلك ولا غيره من أقسام المجازلأنه لا يجوز حمله إلا على جانب المجاز خاصة ولو حمل على جانب الحقيقة لاستحال المعنى ألا ترى أنا إذا قلنا زيد أسد لا يصح إلا على جانب المجاز خاصة وذاك أنا شبهنا زيدا بالأسد في شجاعته ولو حملناه على جانب الحقيقة لاستحال المعنى لأن زيدا ليس ذلك الحيوان ذا الأربع والذنب والوبر والأنياب والمخالب .
وإذا كان الأمر كذلك فحد الكناية الجامع لها هو أنها كل لفظة دلت على معنى يجوز حمله على جانبي الحقيقة والمجاز بوصف جامع بين الحقيقة والمجاز .
والدليل على ذلك أن الكناية في أصل الوضع أن تتكلم بشيء وتريد غيره يقال كنيت بكذا عن كذا فهي تدل على ما تكلمت به وعلى ما أردته من غيره وعلى هذا فلا تخلو إما أن تكون في لفظ تجاذبه جانبا حقيقة ومجاز أو في لفظ تجاذبه جانبا مجاز ومجاز أو في لفظ تجاذبه جانبا حقيقة وحقيقة وليس لنا قسم رابع ولا يصح أن تكون في لفظ تجاذبه جانبا حقيقة وحقيقةلأن ذلك هو اللفظ المشترك وإذا أطلق من غير قرينة تخصصه كان مبهما غير مفهوم وإذا أضيف إليه القرينة صار مختصا بشيء بعينه والكناية أن تتكلم بشيء وتريد غيره وذلك مخالف للفظ المشترك إذا أضيف إليه القرينةلأنه يختص بشيء واحد بعينه لا يتعداه إلى غيره وكذلك لا يصح أن تكون الكناية في لفظ تجاذبه جانبا مجاز ومجازلأن المجاز لا بد له من حقيقة نقل عنها لأنه فرع عليها وذلك اللفظ الدال على المجازين إما أن يكون للحقيقة شركة في الدلالة عليه أو لا يكون لها شركة فإن كان لها شركة في الدلالة فيكون اللفظ الواحد قد دل على ثلاثة أشياء أحدها الحقيقة وهذا مخالف لأصل الوضعلأن أصل الوضع أن تتكلم بشيء وأنت تريد غيره ههنا تكون قد تكلمت بشيء وأنت تريد شيئين غيرهوإن لم يكن للحقيقة شركة في الدلالة كان ذلك مخالفا للوضع أيضالأن أصل الوضع أن