ومن هذا الضرب قول الآخر .
( نَظَرْتُ وَشَخْصي مَطْلِعَ الشَّمْسِ ظِلُّهُ ... إلى الْغَرْبِ حَتَّى ظله الشمس قَدْ عقل ) أراد نظرت مطلع الشمس وشخصي ظله إلى الغرب حتى عقل الشمس أي حاذاها وعلى هذا التقدير فقد فصل بمطلع الشمس بين المبتدأ الذي هو شخصي وبين خبره الجملة وهو قوله ظله إلى الغرب وأغلظ من ذلك أنه فصل بين الفعل وفاعله بالأجنبي وهذا وأمثاله مما يفسد المعاني ويورثها اختلالا .
واعلم أن الناثر في استعمال ذلك أكثر ملامة من الناظم وذاك أن الناظم مضطر إلى إقامة ميزان الشعر وربما كان مجال الكلام عليه ضيقا فيلقيه طلب الوزن في مثل هذه الورطات وأما الناثر فلا يضطر إلى إقامة الميزان الشعري بل يكون مجال الكلام عليه واسعا ولهذا إذا اعترض في كلامه اعتراضا يفسده توجه عليه الإنكار وحق عليه الذم