أمثال هذا في القرآن الكريم كثير ومما ورد من هذا النوع شعرا قول بعض شعراء الحماسة .
( إِلَى مَعْدِنِ الْعِزِّ الْمُؤَثَّلِ وَالْنَّدى ... هُناكَ هُناكَ الفَضْلُ وَ الخُلُقُ الجَزْلُ ) .
فقوله ( هناك هناك ) من التكرير الذي هو أبلغ من الإيجازلأنه في معرض مدحِفهو يقرر في نفس السامع ما عند الممدوح من هذه الأوصاف المذكورة مشيرا إليهاِكأنه قال أدلكم على معدن كذا وكذا ومقره ومفاده وكذلك ورد فول المساور بن هند .
( جَزى اللهُ عَنِّي غالِباً مِنْ عَشيرَةٍ ... إِذا حَدَثانُ الدَّهْرِ نابَتْ نَوائِبُهُ ) .
( فَكَمْ دافَعوا مِنْ كُرْبَةٍ قَدْ تَلاحَمَتْ ... عَلَيَّ وَمَوْجٍ قَدْ عَلَتْني غَوارِبُهُ ) فصدر البيت الثاني وعجزه يدلان على معنى واحدلأن تلاحم الكرب عليه كتعالي الموج من فوقهِوإنما سوغ ذلك لأنه مقام مدح وإطراءِالا ترى أنه يصف إحسان هؤلاء القوم عند دثان دهره في التكريرِوفي قبالته لو كان القائل هاجيافأن الهجاء في هذا كالمدحِوالتكرير إنما يحسن في كلا الطرفينِلا في الوسط .
واعلم أنه إذا وردت ( إن ) المكسورة المخففة بعد ( ما ) كانت بمعناها سواءِألا ترى إلى قوله تعالى ( إن هم إلا كالأنعام ) فإن وما بمعنى واحدِوإذا أوردت من بعد ما كانت من باب التكريرِكقولنا ما إن يكون كذا وكذا أي ما يكون كذا وكذاِوإذا وردت في الكلام فإنما ترد في مثل ما أشرنا إليه من التكريرفإن استعملت في غير ما يكون منها لفائدة ينتجها تكريرها كان استعمالها لغوا لا فائدة فيه