( إني رأيت ) ثم طال الفصل كان الأحسن أن يعيد لفظ الرؤية فيقول ( رأيتهم لي ساجدين ) .
وكذلك جاءت الآية المذكورة ههنا قبل هذه وهي قوله تعالى ( لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ) فإنه لما طال الفصل أعاد قوله ( فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ) فاعلم ذلك وضع يدك عليه .
وكذلك الآية التي قبلها وهي قوله تعالى ( ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة ) .
وكذلك الآية الأخرى وهي ( ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ) .
ومن باب التكرير في اللفظ والمعنى الدال على معنى واحد قوله D ( وقال الذي آمن يا قوم اتبعون أهدكم سبيل الرشاد يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار ) فإنه إنما كرر نداء قومه ههنا لزيادة التنبيه لهم والإيقاظ عن سنة الغفلة ولأنهم قومه وعشيرته وهم فيما يوبقهم من الضلال وهو يعلم وجه خلاصهم ونصيحتهم عليه واجبه فهو يتحزن لهم ويتلطف بهم ويستدعي بذلك ألا يتهموه فإن سرورهم سروره وغمهم غمه وأن ينزلوا على نصيحته لهم وهذا من التكرير الذي هو أبلغ من الإيجاز وأسد موقعا من الإختصارفاعرفه إن شاء الله تعالى .
وعلى نحو منه جاء قوله تعالى في سورة القمر ( فذوقوا عذابي ونذر ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ) فإنه قد تكرر ذلك في السورة كثيرا وفائدته أن يجددوا عنه استماع كل نبأ من أنباء الأولين ادكارا وإيقاظا وأن يستأنفوا تنبها واستيقاظا إذا سمعوا الحث على ذلك والبعث إليه وأن تقرع لهم العصا مرات لئلا يغلبهم السهو وتستولي عليهم الغفلة .
وهكذا حكم التكرير في قوله تعالى في سورة الرحمن ( فبأي آلاء ربكما تكذبان ) وذلك عند كل نعمة عددها على عباده