خلق الذين من دونه وفيها غير ذلك من أشكال الفاكهة وأصنافها وكلها معدود من أوساطها لا من أطرافها ولقد دخلتها فاستهوتني حسدا ولم أصاحبها على قوله لن تبيد هذه أبدا .
فهذا الوصف على هذه الصورة يسمى إطنابا لأنه لم يعر عن فائدة وذاك الأول هو الإيجاز لأنه اشتمل باختصاره على جميع أصناف الفاكهة .
وأما التطويل فهو أن تعد الأصناف المذكورة تعدادا من غير وصف لطيف ولا نعت رائق فيقال مشمش وتفاح وعنب ورمان ونخل وكذا وكذا .
وانظر أيها المتأمل إلى ما أشرت إليه من هذه الأقسام الثلاثة في الإيجاز والإطناب والتطويل وقس عليها ما يأتي منها .
وسأزيد ذلك بيانا بمثال آخر فأقول .
قد ورد في باب الإيجاز كتاب كتبه طاهر بن الحسين إلى المأمون C تعالىِ يخبره بهزيمة عيسى بن ماهان وقتله إياه وهو كتابي إلى أمير المؤمنين ورأس عيسى بن ماهان بين يدي وخاتمه في يدي وعسكره مصرف تحت أمري والسلام .
وهذا كتاب جامع للمعنى شديد الإختصار .
وإذا كتب ما هو في معناه على وجه الإطناب قيل فيه ما أذكره وهو ما أنشأته مثالا في هذا الموضع ليعلم به الفرق بين الإيجاز والإطناب وهو أصدر كتابه هذا وقد نصر بالفئة القليلة على الفئة الكثيرة وانقلب باليد الملأى والعين القريرة وكان انتصاره بجد أمير المؤمنين لا بجد نصله والجد أغنى من الجيش وإن كثرت أمداد خيله ورجله وجيء برأس عيسى بن ماهان وهو على جسد غير جسده وليس له قدم فيقال إنه يسعى بقدمه ولا يد فيقال إنه يبطش بيدهِ ولقد طال وطوله مؤذن بقصر شأنهِ وحسدت الضباع الطير على مكانها منه وهو غير محسود على مكانه وأحضر خاتمه وهو الخاتم الذي كان الأمر يجري على نقش أسطره وكان يرجو أن يصدر كتاب الفتح بختمه فحال ورود المنية دون مصدره وكذلك البغي مرتعه وبيل