والآيات الواردة من هذا الضرب كثيرة كقوله تعالى ( فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف ) فقوله ( فله ما سلف ) من جوامع الكلم ومعناه أن خطاياه الماضية قد غفرت له وتاب الله عليه فيها إلا أن قوله ( فله ما سلف ) أبلغ أي أن السالف من ذنوبه لا يكون عليه إنما هو له وكذلك ورد قوله تعالى ( من كفر فعليه كفره ) فعليه كفره كلمة جامعة تغني عن ذكر ضروب من العذاب لأن من أحاط به كفره فقد أحاطت به كل خطيئة .
وعلى نحو من هذا جاء قوله تعالى ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ) فهذه الآية من جوامع الآيات الواردة في القرآن الكريم وروي أن النبي قرأها على الوليد بن المغيرة فقال له يا ابن أخي أعد فأعاد النبي قراءتها عليه فقال له إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسلفه لمغدق وما هو بقول البشر .
ومن هذا النحو قوله تعالى ( ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن والشمال قعيدما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد ) وهذه الآيات من قوارع القرآن العجيبة التي دلت على تخويف وإرهاب ترق القلوب وتقشعر منه الجلود وهي مشتملة مع قصرها على حال الإنسان منذ خلقه إلى حين حشره وحشر غيره من الناس وتصوير ذلك الأمر الفظيع في أسهل لفظ وأقربه وما مررت عليها ألا جدت لي موعظة وأحدثت عندي إيقاظا .
ومن هذا الضرب ما ورد عن النبي في دعائه لأبي سلمة عند موته فقال ( اللهم ارفع درجته في المهتدين واخلفه في عقبه في الغابرين لنا وله يا رب العالمين ) وهذا دعاء جامع بين الإيجاز وبين مناسبة الحال التي وقع فيها فأوله مفتتح بالمهم الذي يفتقر إليه المدعو له في تلك الحال وهو رفع درجته في