( فَقُلْتُ يَمِينُ الله أَبْرَحُ قَاعِداً ... وَلَوْ قَطَعُوا رَأْسِي لَدَيْكَ وَأَوْصَالِي ) .
أي لا أبرح قاعداً فحذفت ( لا ) في هذا الموضع وهي مرادة .
ومما جاء منه قول أبي محجن الثقفي لما نهاه سعد بن أبي وقاص Bه عن شرب الخمرِ وهو إذ ذاك في قتال الفرس بالقادسية .
( رَأَيْتُ الْخَمْرَ صَالِحَةً وَفِيهَا ... مَنَاقِبُ تُهْلِكُ الرَّجُلَ الْحَلِيمَا ) .
( فَلا وَاللهِ أَشْرَبهُا حَيَاتِي ... وَلا أَسْقِي بِهَا أَبَداً نَدِيمَا ) .
يريد ( لا أشربها ) فحذف ( لا ) من الكلام وهي مفهومة منه .
الضرب الرابع عشر وهو حذف الواو من الكلام وإثباتها .
وأحسن حذوفها في المعطوف والمعطوف عليه وإذا لم يذكر الحرف المعطوف به كان ذلك بلاغة وإيجازاً كقول أنس بن مالك Bه كان أصحاب رسول الله ينامون يصلون ولا يتوضئون أو قال ثم يصلون لا يتوضئونِ فقوله ( لا يتوضئون ) بحذف الواو أبلغ في تحقيق عدم الوضوء من قوله ( ولا يتوضئون ) بإثباتها كأنه جعل ذلك حالة لهم لازمة أي أنها داخلة في الجملة وليست جملة خارجة عن الأولى لأن واو العطف تؤذن بانفراد المعطوف عن المعطوف عليه وإذا حذفت في مثل هذا الموضع صار المعطوف والمعطوف عليه جملة واحدة .
وقد جاء مثل ذلك في القرآن الكريم وذلك أنه يذكر جمل من القول كل واحدة منها مستقلة بنفسها ثم تسرد سرداً بغير عاطف كقوله تعالى ( يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر ) تقدير هذا الكلام لا يألونكم وودوا ما عنتم