النوع الخامس عشر .
في الإيجاز .
وهو حذف زيادات الألفاظ وهو نوع من الكلام شريف لا يتعلق به إلا فرسان البلاغة من سبق إلى غايتها وما صلى وضرب في أعلى درجاتها بالقدح المعلىِ وذلك لعلو مكانهِ وتعذر إمكانه .
والنظر فيه إنما هو إلى المعاني لا إلى الألفاظ ولست أعني بذلك أن تهمل الألفاظ بحيث تعرى عن أوصافها الحسنة بل أعني أن مدار النظر في هذا النوع إنما يختص بالمعاني فرب لفظ قليل يدل على معنى كثيرِ ورب لفظ كثير يدل على معنى قليلِ ومثال هذا كالجوهرة الواحدة بالنسبة إلى الدراهم الكثيرة فمن ينظر إلى طول الألفاظ يؤثر الدراهم بكثرتها ومن ينظر إلى شرف المعاني يؤثر الجوهرة الواحدة لنفاستها ولهذا سمى النبي الفاتحة أم الكتابِ وإذا نظرنا إلى مجموعها وجدناه يسيراً وليست من الكثرة إلى غاية تكون بها أم البقرة وآل عمران وغيرها من السور الطوال فعلمنا حينئذ أن ذلك الأمر يرجع إلى معانيها .
والكلام في هذا الموضع يخرج بنا إلى غير ما نحن بصدده لأنه يحتاج فيه إلى ذكر المراد بالقرآن الكريم وما يشتمل عليه سوره وآياته إلى حصر أقسام معانيه لكنا نشير في ذلك إشارة خفيفة فنقول .
المراد بالقرآن هو دعوة العباد إلى الله تعالى ولذلك انحصرت سوره وآياته في ستة أقسام ثلاثة منها هي الأصول وثلاثة هي الفروع .
أما الأصول فالأول منها تعريف المدعو إليه وهو الله تعالى ويشتمل هذا الأصل على ذكر ذاته وصفاته وأفعاله والأصل الثاني تعريف الصراط المستقيم الذي تجب ملازمته في السلوك إلى الله تعالى ويشتمل هذا الأصل على التبتل بعبادة الله بأفعال القلب وأفعال الجوارح والأصل الثالث تعريف الحال بعد الوصول إلى