) ليكون الجميع على نسق واحد في النظمِ ولو قال وقدرنا القمر منازل لما كان بتلك الصورة في الحسنِ وعليه ورد قوله تعالى ( فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر ) وإنما قدم المفعول لمكان حسن النظم السجعي .
وأما تقديم خبر المبتدأ عليه فقد تقدمت صورتهِ كقولك زيد قائمِ وقائم زيد فمما ورد منه في القرآن قوله تعالى ( وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله ) فإنه إنما قال ذلك لم يقل وظنوا أن حصونهم تمنعهم أو مانعتهم لأن في تقديم الخبر الذي هو مانعتهم على المبتدأ الذي هو حصونهم دليلاً على فرط اعتقادهم في حصانتهاِ وزيادة وثوقهم بمنعها إياهمِ وفي تصويب ضميرهم اسماً لأن وإسناد الجملة إليه دليل على تقريرهم في أنفسهم أنهم في عزة وامتناع لا يبالى معها بقصد قاصد ولا تعرض متعرضِ وليس شيء من ذلك في قولك وظنوا أن حصونهم مانعتهم من الله .
ومن تقديم خبر المبتدأ قوله تعالى ( قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم ) فإنه إنما قدم خبر المبتدأ عليه في قوله ( أراغب أنت ) ولم يقل أأنت راغب لأنه كان أهم عندهمِ وهو به شديد العنايةِ وفي ذلك ضرب من التعجب والإنكار لرغبة إبراهيم عن آلهتهِ وأن آلهته لا ينبغي أن يرغب عنهاِ وهذا بخلاف ما لو قال أانت راغب عن آلهتي .
ومن غامض هذا الموضع قوله تعالى ( واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا ) فإنه إنما قال ذلك ولم يقل فإذا أبصار الذين كفروا شاخصة لأمرين أحدهما تخصيص الأبصار بالشخوص دون غيرها أما الأول فلو قال فإذا أبصار الذين كفروا شاخصة لجاز أن يضع موضع شاخصة غيرهِ فيقول حائرةِ أو