ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب ) فوكد في هذه الآية ولم يؤكد في الآية الأخرىِ وقد عرفتك الطريق في ذلكِ وأما إذا كان المعنى المقصود غير معلوم وهو مما لا يشك فيه فالأولى أن يؤكد بالضميرين في الدلالة عليهِ كقوله تعالى ( قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى ) فإن موسى لم يكن متيقناً أنه غالب للسحرةِ فلذلك وكد خطابه بالضميرين ليكون أبلغ في تقرير ذلك في نفسه .
وأما توكيد المنفصل بمنفصل مثله فكقول أبي تمام .
( لا أَنْتَ أَنْتَ ولاَ الدِّياَرُ دِيَارُ ... خَفَّ الْهَوَى وَتوَلَّتِ الأَوْطَارُ ) .
فقوله ( لا أنت أنت ولا الديار ديار ) من المليح النادر في هذا الموضع لأنه هو هو والديار الديارِ وإنما البواعث التي كانت تبعث على قضاء الأوطار زالتِ فبقي ذلك الرجل وليس هو هو على الحقيقة ولا الديار في عينه من الحسن تلك الديارِ وعلى هذا ورد قول أبي الطيب المتنببي .
( قَبِيلٌ أَنْتَ أَنْتَ وَأَنْتَ مِنْهُمْ ... وَجَدُّكَ بِشْرٌ المَلِكُ الْهُمَامُ ) .
فقوله ( أنت أنت ) من توكيد الضميرين المشار إليهماِ وفائدته المبالغة في مدحهِ ولو مدحه بما شاء الله لما سد مسد قوله ( أنت أنت ) أي أنك المشار إليه بالفضل دون غيركِ وأما قوله ( وأنت منهم ) فخارج عن هذا الباب ! وهو كلام مستأنف لا