أن يقع على كل واحد من الرجالِ وإذا قلت ( الرجل ) فقد خصصته من بين الرجال بالتعريفِ وجعلته علماً فيهمِ وكذلك جاء قوله تعالى ( إنك أنت الأعلى ) أي دون غيرك .
الرابعة لفظ أَفعَل الذي من شأنه التفضيلِ ولم يقل العالي .
الخامسة إثبات الغلبة له من العلو لأن الغرض من قوله ( الأعلى ) أي الأغلبِ إلاّ أن في الأعلى زيادةِ وهي الغلبة من عال .
السادسة الاستئنافِ وهو قوله تعالى ( لا تخف إنك أنت الأعلى ) ولم يقل لأنك أنت الأعلى لأنه لم يجعل علة انتفاء الخوف عنه كونه عالياًِ إنما نفي الخوف عنه أولاً بقوله ( لا تخف ) ثم استأنف الكلام فقال ( إنك أنت الأعلى ) فكان ذلك أبلغ في إيقان موسى عليه السلام بالغلبة والاستعلاءِ وأثبت لذلك في نفسه .
وربما وقع لبعض الأغمار أن يعترض على ما ذكرناه في توكيد أحد الضميرين بالآخر فيقول لو كان توكيدهما أبلغ من الاقتصار على أحدهما لورد ذلك عند ذكر الله تعالىِ نفسه حيث هو أولى بما هو أبلغ وأوكد من القول وقد رأينا في القرآن الكريم مواضع تختص بذكر الله تعالى وقد ورد فيها أحد الضميرين دون الآخرِ كقوله عز اسمه ( قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير ) ولم يقل إنك أنت على كل شيء قديرِ فما الموجب لذلك إن كان توكيد أحد الضميرين بالآخر أبلغ من الاقتصار على أحدهما ؟ .
الجواب عن ذلك أنا نقول قد قدمنا القول في أول هذا النوع أنه إذا كان المعنى المقصود معلوماً ثابتاً فصاحب الكلام مخير في توكيد أحد الضميرين بالآخر فإن أكد فقد أتى بفضل بيانِ وإن لم يؤكد فلأن ذلك المعنى ثابت لا يفتقر في تقريرهِ إلى زيادة تأكيدِ كهذه الآية المشار إليهاِ وهي قوله تعالى ( قل اللهم مالك الملك ) فإن العلم بأن الله على كل شيء قدير لا يفتقر إلى تأكيد يقررهِ وقد ورد ما يجري مجرى هذه الآية مؤكداًِ كقوله تعالى ( وإذ قال الله يا عيسى