( حَنَنْتَ إِلِى رَيَّا وَنَفْسُكَ بَاعَدَتْ ... مَزَارَكَ مِنْ رَيَّا وَشَعْبَاكُمَا مَعَا ) .
( فَمَا حَسَنٌ أنْ تَأْتِيَ الأَمْرَ طائِعَاً ... وَتَجْزَعَ أَنْ دَاعِي الصَّبابَةِ أَسْمَعَا ) .
وقد ورد بعد هذين البيتين ما يدل على أن المراد بالتجريد فيهما التوسع لأنه قال .
( وَأَذْكُرُ أَيَّامَ الْحِمَى ثُمَّ أَنْثَنِي ... عَلَى كَبِدِي مِنْ خَشْيَةٍ أنْ تَصَدَّعَا ) .
( بِنَفْسِي تِلْكَ الأَرْضُ مَا أَطْيَبَ الرُّبَا ... وَمَا أَحْسَنَ المُصْطَافَ وَالمُتَرَبَّعَا ) .
فانتقل من الخطاب التجريدي إلى خطاب النفس ولو استمر على الحالة الأولى لما قضي عليه بالتوسع وإنما كان يقضي عليه بالتجريد البليغ الذي هو الطرف الآخر ويتأول له بأن عرضه من خطاب غيره أن ينفي عن نفسه سمعة الهوى ومعرة العشق لما في ذلك من الشهرة والغضاضة لكن قد زال هذا التأويل بانتقاله عن التجريد أولا إلى خطاب النفس .
وعلى هذا الأسلوب ورد قول أبي الطيب المتنبي .
( لاَ خَيْلَ عِنْدَكَ تُهْدِيهَا وَلاَ مَالُ ... فَلْيُسْعِدِ النُّطْقَ إِنْ لَمْ تُسْعِدِ الْحَالُ )