وعلى نحو من هذا جاء قول البحتري .
( فِي طَلْعَهِ الْبَدْرِ شَيْءٌ مِنْ مَحَاسِنِهَا ... وَلِلْقَضِيبِ نَصِيبٌ مِنْ تَثَنِّيهَا ) .
وكذلك ورد قول عبد الله بن المعتز في قصيدته المشهورة التي أولها .
( سَقَى المَطيرَةَ ذَاتَ الطَّلِّ وَالشَّجَرِ ... ) .
فقال في تشبيه الهلال .
( وَلاَحَ ضَوْءُ قُمَيْرْ كَادَ يَفْضَحُنَا ... مِثْلُ الْقُلاَمَةِ قَدْ قُدَّتْ مِنَ الظُّفُرِ ) .
ولما شاع ذلك في كلام العرب واتسع صار كأنه هو الأصل وهو موضع من علم البيان حسن الموقع لطيف المأخذ .
وهذا قد ذكره أبو الفتح بن جني في كتاب الخصائص وأورده هكذا مهملا .
ولما نظرت أنا في ذلك وأنعمت نظري فيه تبين لي ما أذكره وهو أنه قد تقرر في أصل الفائدة المستنتجة من التشبيه أن يشبه الشيء بما يطلق عليه لفظة أفعل أي يشبه بما هو أبين وأوضح أو بما هو أحسن منه أو أقبح وكذلك يشبه الأقل بالأكثر والأدنى بالأعلى .
وهذا الموضع لا ينقض هذه القاعدة لأن الذي قدمناه ذكره مطرد في بابه وعليه مدار الاستعمال وهذا غير مطرد وإنما يحسن في عكس المعنى المتعارف وذاك أن تجعل المشبه به مشبها والمشبهة مشبها به ولا يحسن في غير ذلك مما