( وإِذَا مَا المَاءُ وَاقَعَهَا ... أَظْهَرَتْ شَكْلاً مِنَ الْغَزَلِ ) .
( لُؤْلُؤَات يَنْحَدِرْنَ بِهَا ... كَانْحِدَارِ الذَّرِّ مِنْ جَبَلِ ) .
فشبه الحبب في انحداره بنمل صغار ينحدر من جبل وهذا من البعد على غاية لا يحتاج إلى بيان وإيضاح .
واعلم أن من التشبيه ضربا يسمى الطرد والعكس وهو أن يجعل المشبه به مشبها والمشبه مشبها به وبعضهم يسميه غلبة الفروع على الأصول ولا تجد شيئا من ذلك إلا والغرض به المبالغة .
فمما جاء من ذلك قول ذي الرمة .
( وَرَمْلٍ كَأَرْدَافِ الْعَذاَرَى قَطَعْتُهُ ... إِذَا أُلْبِسَتْهُ المُظْلِمَاتُ الْحَنَادِسُ ) .
ألا ترى إلى ذي الرمة كيف جعل الأصل فرعا والفرع أصلا وذاك أن العادة والعرف في هذا أن تشبه أعجاز النساء بكثبان الأنقاء وهو مطرد في بابه فعكس ذو الرمة القصة في ذلك فشبه كثبان الأنقاء بأعجاز النساء وإنما فعل ذلك مبالغة أي قد ثبت هذا الموضع وهذا المعنى لأعجاز النساء وصار كأنه الأصل حتى شبهت به كثبان الأنقاء