الجواب عن ذلك أني أقول هذا البيت المعترض به على ما ذكرته ليس كالذي ذكرته فإن أردت أن يشبه شيئان هما كشيء واحد في الاشتراك بشيء واحد ألا ترى أن نور الشمس من بياض الزهر وهما شيئان مشتركان قد شبها بضوء القمر وأما هذا البيت الذي لأبي الطيب المتنبي فإنه تشبيه شيئين كل واحد منهما مفرد برأسه بشيء واحد لأنه شبه إشراق الأعراض وإشراق الوجوه بإشراق الشيم وهذا غير ما أردته أنا .
لكن ينبغي أن تعلم أن تشبيه المركب بالمفرد ينقسم قسمين أحدهما تشبيه شيئين مشتركين بشيء واحد كالذي أوردته لأبي تمام وهو قليل الاستعمال والآخر تشبيه شيئين منفردين بشيء واحد كالذي ذكرته أنت لأبي الطيب المتنبي وهو كثير الاستعمال .
وإذا ذكرنا أقسام التشبيه وبينا المحمود منها الذي ينبغي اقتفاء أثره واتباع مذهبه فلنتبعه بضده مما ينبغي اجتنابه والإضراب عنه على أنه قد قدمنا القول بأن حد التشبيه هو أن يثبت للمشبه حكم من أحكام المشبه به فإذا لم يكن بهذه الصفة أو كان بين المشبه والمشبه به بعد فذلك الذي يطرح ولا يستعمل والذي يرد منه مضمر الأداة لا يكون إلا في القسم الواحد من أقسام المجازي وهو التوسع وقد قدمت القول في ذلك في أول باب الاستعارة وضربت له أمثلة منها قول أبي نواس .
( مَا لِرِجْلِ المَالِ أمْسَتْ ... تَشْتَكِي مِنْكَ الْكَلاَلاَ ) .
فجعل للمال رجلا وذلك تشبيه بعيد ولا حاجة إلى إعادة ذلك الكلام ههنا بجملته لكن قد أشرت إليه إشارة خفيفة .
ومن أقبح ما سمعته من ذلك قول أبي تمام