رسول الله عشر سنين فلم يقل لشيء فعلته لم فعلته ولا لشيء لم أفعله لم لا فعلته وهذا القول يحتمل وجهين من التأويل أحدهما وصف رسول الله بالصبر على خلق من يصحبه والآخر أنه وصف نفسه بالفطنة والذكاء فيما يقصده من الأعمال كأنه متفطن لما في نفس رسول الله فيفعله من غير حاجة إلى استئذانه .
ومن ذلك ما ورد في الأدعية النبوية فإنه دعا على رجل من المشركين فقال ( اللهم اقطع أثره ) وهذا يحتمل ثلاثة أوجه من التأويل الأول أنه دعا عليه بالزمانة لأنه إذا زمن لا يستطيع أن يمشي على الأرض فينقطع حينئذ أثره الوجه الثاني أنه دعا عليه بأن لا يكون له نسل من بعده ولا عقب الوجه الثالث أنه دعا عليه بأن لا يكون له أثر من الآثار مطلقا وهو أن لا يفعل فعلا يبقى أثره من بعده كائنا ما كان من عقب أو بناء أو غراس أو غير ذلك .
وظفرت الحرورية برجل فقالوا له ابرأ من علي وعثمان فقال أنا من علي ومن عثمان أبرأ فهذا يدل على معنيين أحدهما أنه بريء من عثمان وحده والآخر أنه بريء منهما جميعا والرجل لم يرد إلا الوجه الأول .
ومن ذلك ما يحكي عن عبد المسيح بن بقيلة لما نزل بهم خالد بن الوليد على الحيرة وذاك أنه خرج إليه عبد المسيح بن بقيلة فلما مثل بين يديه قال انعم صباحا أيها الملك فقال له خالد قد أغنانا الله عن تحيتك هذه بسلام عليكم ثم قال له من أين أقصي أثرك قال من ظهر أبي قال فمن أين خرجت قالت من بطن أمي قال فعلام أنت قال على الأرض قال ففيم أنت قال في ثيابي قال ابن كم أنت قال ابن رجل واحد قال خالد ما رأيت كاليوم قط أنا أسأله عن الشيء وهو ينحو في غيره وهذا من توجيه الكلام على نمط حسن وهو يصلح أن يكون جوابا لخالد عما سأل ويصلح أن يكون جوابا لغيره مما ذكره عبد المسيح بن بقيلة .
وقد ورد في التوراة أن لا يؤكل الجدي بلبن أمه وهذا يحتمل التحريم في