كلام عرفنا أنه فصيح بما عرفنا من حقيقتها الموجودة فيه وكذلك يقول في غير الفصاحة .
ومن أعجب ما وجدته في كتاب أنه قال أما المعاني المبتدعة فليس للعرب منها شيء وإنما اختص بها المحدثون ثم ذكر للمحدثين معاني وقال هذا المعنى لفلان وهو غريب وهذا القول لفلان وهو غريب وتلك الأقوال التي خص قائليها بأنهم ابتدعوها قد سبقوا إليها فإما أن يكون غير عارف بالمعنى الغريب وإما أنه لم يقف على أقوال الناظمين والناثرين ولا تبحر فيها حتى عرف ما قاله المتقدم مما قاله المتأخر وأما قوله إنه ليس للعرب معنى مبتدع وإنما هو للمحدثين فيا ليت شعري من السابق إلى المعاني من تقدم زمانه أم من تأخر زمانه .
وأنا أورد ههنا ما يستدل به على بطلان ما ذكره وذاك أنه قد ورد من المعاني أن صور المنازل تمثلت في القلوب فإذا عفت آثارها لم تعف صورها من القلوب وأول من أتى بذلك العرب فقال الحرث بن خالد من أبيات الحماسة .
( إِنِّي وَمَا نَحَرُوا غَدَاةَ مِنًى ... عِنْدَ الْجِمَارِ يَؤُدُهَا الْعُقْلُ ) .
( لَوْ بُدِّلَتْ أَعْلَى مَسَاكِنِهَا ... سِفْلاً وَأَصْبَحَ سِفْلُها يَعْلُو ) .
( لَعَرَفْتُ مَغْناهَا بِمَا ضَمِنَتْ ... مِنِّي الضُّلُوعُ لأَهْلِهَا قَبْلُ ) .
ثم جاء المحدثون من بعده فانسحبوا على ذيله وحذوا حذوه فقال أبو تمام