المعاني جمعيها وهذا شيء لا يتنبه له إلا الراسخون في هذا الفن من أرباب النثر والنظم وسألني ذلك الرجل عن هذه التعزية المشار إليها في المرأة وولدها الصغير وقال أحب أن أعلم كيف تكون فأمليت عليه ثلاثة كتب كل كتاب يتضمن معنى لا يتضمنه الكتاب الآخر .
فمما جاء منها كتاب أنا ذاكره ههنا وهو أشجى التعازي ما أتبع فيه المفقود بمفقود لا سيما إذا جمع بين سعد الأخبية وسعد السعود وكل منهما يعظم حزنا كما يعظم مكانا وهذا يحسر عن الوجوه خمرا وهذا يلقي عن الرءوس تيجانا ولم يوفهما حقهما من بكي ولا من ندب ولا من شعر ولا من كتب وليت فدى أحدهما بصاحبه فعاش درهما المفدي بالذهب .
( وَلَوْ كَانَ خَطْباً وَاحِداً خَفَّ كَلْمُهُ ... وَلكِنَّهُ خَطْبٌ أُعِيدَ عَلى خَطْبِ ) .
وقد أصدر الخادم كتابه هذا ومن حقه أن يخرج في ثوب من الحداد وأن يتعثر في أذيال كلمه والكتاب عنوان الفؤاد وغاية ما يقول أحسن الله عزاء المجلس السامي الملك الأجل السيد على أن هذا الدعاء قد شهدت الحال بلحنه وكيف يملك قلبه عزاء وقد أوثقه الهم في سجنه وصار له ولدا دون ولده وخدنا دون خدنه لكن يدعى له بامتداد البقاء وأن تعامله الحوادث بعد هذه معاملة الإبقاء ثم نتبع ذلك بطلب الجنة لمن نقلته المنايا عن أرائك الخدور وجعلته في بطون القبور ولمن فاجأت الأيام غصنه فقصفته ولم يعش حتى عرف الدنيا ولا عرفته فواها لهما وقد نزلا بمنزل عديم الإيناس وإن كان مأهولا بأكثر الناس فهو القريب دارا البعيد مزارا الذي حجب من اليأس بأمنع حجاب وذهب عن الوجوه المنعمة لذل التراب فمن كان مسعدا للمجلس فليأخذ بوله الجزع لا بعزيمة الاصطبار وليقل هذا حادث بان فيه تحامل الأقدار وجرت همومه مجرى الخواطر من القلوب والرقاد من الأبصار فالأسوة إلا فيه معدودة من الإحسان والسلوة إلا عنه داخلة في حيز الإمكان والخادم أولى من لقي المجلس فيه بالإسعاد وقام بما يجب من قضاء حق الوداد وفعل ما يفعله القريب الحاضر وإن كان على شقة من البعاد وقد أرسل من ينوب عنه في التعزية وإن لم يكف