المستطرقة ما يهدي وإن كان قدره خفيفا ولولا اختلاف البلاد فيما يوجد بها لما كان شيء من الأشياء طريفا وقد أهدى المملوك من الرطب ما يتجلى في صفة الوارس ويزهى بحسنه حتى كأنه لم يدنس بيد لامس وما سمي رطبا إلا لاشتقاقه من الرطب الذي هو ضد اليابس وقد أثنى رسول الله عليه ثناء جما وفضل شجرته على الشجر بأن سماها أما ولئن عدم عرفا لذيذا فإنه لم يعد منظرا لذيذا ولا طعما وله أوصاف أخرى هي لفضله بمنزلة الشهود فمنها أنه أول غذاء يفطر عليه الصائم وأول غذاء يدخل بطن المولود وأحسن من ذلك أنه معدود من الحلواء وإن كان من ذوات الغراس ولا فرق بينهما سوى أنه من خلق الله وتلك من خلق الناس وإذا أنصف واصفه قال ما من ثمرة إلا وهي عنه قاصرة ولو تفاخرت البلاد بمحاسن ثمارها لقامت أرض العراق به فاخرة وهذا قد سار إلى باب مولانا وهو مجني المنابت سار إلى مجني الكرم وملك الفاكهة وفد على ملك الشيم ولما استقلت به الطريق أنشأ الحسد لغيره من الفواكه أربا وما منها إلا من قال يا ليتني كنت رطبا ولئن كان من الثمرات التي تختلف في الصور والأسماء ويفضل بعضها على بعض ويسقي بشراب واحد من الماء فكذلك تلك الشيم العريقة تتحد في عنصرها وهي مختلفة الوتيرة ومن أفضلها شيمة السماح التي تقبل القليل من عبيدها وتسمح لهم بالعطايا الكثيرة وقد ضرب لها المملوك مثالا فقال هي كجنة بربوة بل ضرب لها ما ضرب للمثل النبوي وهي نخلة بكبوة ولا يختم كتابه بأحسن من هذا القول الذي طاب سمعا وزكا أصلا وفرعا وتصرف في أساليب البلاغة فجاء به وترا وشفعا والسلام .
وهذا كتاب غريب في معناه وقد اشتمل على معان كثيرة فمن جملتها أن الرطب مشتق من الرطب الذي هو ضد اليابس ومن جملتها أن النبي سمى النخلة أما فقال ( أمكم النخلة ) ومن جملتها أنه كان يفكر على رطبات فإن لم يجد فتمرات ومن جملتها أنه كان يلوك التمرة ويحنك بها المولود عند ميلاده ولما ولد عبد الله بن الزبير جاءت أمه أسماء بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنه ووضعته في حجر رسول الله فلاك تمرة ووضعها في فيه ومن جملتها أنه والحلواء شيء واحد إلا أنه من خلق الله وتلك من خلق الإنسان ومن جملتها أن