( وَقَبْرُ حَرْبٍ بِمَكانٍ قَفْرِ ... وَلَيْسَ قُرْبَ قَبْرِ حَرْبٍ قَبْر ) .
فهذه القافات والراآت كأنها في تتابعها سلسلة ولا خفاء بما في ذلك من الثقل .
وكذا ورد قول الحريري في مقاماته .
( وَازْوَرَّ مَنْ كَانَ لَهُ زَائِراً ... وَعَافَ عَافِي الْعُرْفِ عِرْفَانَهُ ) .
فقوله وعاف عافى العرف عرفانه من التكرير المشار إليه .
وكذلك ورد قوله أيضا في رسالتيه اللتين صاغهما على حرف السين والشين فإنه أتى في إحداهما بالسين في كل لفظة من ألفاظها وأتى في الأخرى بالشين في كل لفظة من ألفاظها فجاءتا كأنهما رقى العقارب أو خذروفة العزائم وما أعلم كيف خفي ما فيهما من القبح على مثل الحريري مع معرفته بالجيد والرديء من الكلام .
ويحكى عن بعض الوعاظ أنه قال في جملة كلام أورده جنى جنات وجنات الحبيب فصاح رجل من الحاضرين في المجلس وماد وتغاشى فقال له رجل كان إلى جانبه ما الذي سمعت حتى حدث بك هذا فقال سمعت جيما في جيم في جيم فصحت .
وهذا من أقبح عيوب الألفاظ .
ومما جاء منه قول أبي الطيب المتنبي في قصيدته التي مطلعها .
( أَتُرَاهَا لِكُثْرَةِ الْعُشَّاقِ ... ) .
( كَيْفَ تَرْثِي الَّتِي تَرَى كُلَّ جَفْنٍ ... رَاءَهَا غَيْرَ جَفْنِهَا غَيْرَ رَاقِي )