( لَعَلَّكَ أنْ تَسْتَوخِم الْوِرْدَ إِنْ غَدَتْ ... كَتَائِبُنَا فِي مَأْزِقِ الحرب تمطر ) .
فقال امرؤ القيس لا والله ولكن أستعذبه فرويدا ينفرج لك دجاها عن فرسان كندة وكتائب حمير ولقد كان ذكر غير هذا بي أولى إذ كنت نازلا بربعي ولكنك قلت فأوجبت فقال قبيصة ما نتوقع فوق المعاتبة والإعتاب فقال امرؤ القيس هو ذاك .
فلتنظر إلى هذا الكلام من الرجلين قبيصة وامرئ القيس حتى يدع المتعمقون تعمقهم في استعمال الوحشي من الألفاظ فإن هذا الكلام قد كان في الزمن القديم قبل الإسلام بما شاء الله وكذلك كلام كل فصيح من العرب مشهور وما عداه فليس بشيء وهذا المشار إليه ههنا هو جزل كلامهم وعلى ما تراه من السلاسة والعذوبة .
وإذا تصفحت أشعارهم أيضا وجدت الوحشي من الألفاظ قليلا بالنسبة إلى المسلسل في الفم والسمع ألا ترى إلى هذه الأبيات الواردة للسموأل بن عاديا وهي .
( إِذَا الْمَرْءُ لَمْ يَدْنَسْ مِنَ اللؤْمِ عِرْضُهُ ... فَكُلُّ رِدَاءٍ يَرْتَدِيهِ جَمِيلُ ) .
( وَإِنْ هُوَ لَمْ يَحْمِلْ عَلَى النَّفْسِ ضَيْمَهَا ... فَلَيْسَ إِلَى حُسْنِ الثَّنَاءِ سَبِيلُ ) .
( تُعَيِّرُنَا أنّا قَلِيلٌ عَدِيدُنَا ... فَقُلْتُ لَهَا إنَّ الْكِرَامَ قَلِيلُ ) .
( وَمَا ضَرَّنَا أنّا قَلِيلٌ وَجَارُنَا ... عَزِيزٌ وَجَارُ الأَكْثَرِينَ ذَلِيلُ ) .
( يُقَرِّبُ حُبَّ الْمَوْتِ آجَالَنَا لَنَا ... وَتَكْرَهُهُ آجَالُهُمْ فَتَطُولُ ) .
( وَمَا مَاتَ مِنَّا سَيِّدٌ حَتْفَ أنْفِهِ ... وَلاَ طُلَّ مِنَّا حَيْثُ كَانَ قَتِيلُ )