فتأمل هذه الآيات المضمنة ذكر الحشر على تفاصيل أحواله وذكر النار والجنة .
وانظر هل فيها لفظة إلا وهي مسهلة مستعذبة على ما بها من الجزالة .
وكذلك ورد قوله تعالى ( ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون ) .
وأما مثال الثاني وهو الرقيق الألفاظ فقوله تعالى في مخاطبة النبي ( والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى ) إلى آخر السورة وكذلك قوله تعالى في ترغيب المسألة ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان ) .
وهكذا ترى سبيل القرآن الكريم في كلا هذين الحالين من الجزالة والرقة وكذلك كلام العرب الأول في الزمن القديم مما ورد عنها نثرا ويكفي من ذلك كلام قبيصة بن نعيم لما قدم على امرئ القيس في أشياخ بني أسد يسألونه العفو عن دم أبيه فقال إنك في المحل والقدر من المعرفة بتصرف الدهر وما تحدثه أيامه وتنتقل به أحواله بحيث لا تحتاج لا تذكير من واعظ ولا تبصير من مجرب ولك من سؤدد منصبك وشرف أعراقك وكرم أصلك في العرب محتد يحتمل ما حمل عليه من إقالة العثرة ورجوع عن الهفوة ولا تتجاوز الهمم إلى غاية إلا رجعت إليك فوجدت عندك من فضيلة الرأي وبصيرة الفهم وكرم الصفح