وهذا لا يخفى على مثل أبي نواس فإنه من ظواهر علم العربية وليس من غوامضه في شيء لأنه أمر نقلي يحمل ناقله فيه على النقل من غير تصرف وقول أبي نواس صغرى وكبرى غير جائز فإن فعلى أفعل لا يجوز حذف الألف واللام منها وإنما يجوز حذفها من فعلى التي لا أفعل لها نحو حبلى إلا أن تكون فعلى أفعل مضافة وههنا قد عريت عن الإضافة وعن الألف واللام فانظر كيف وقع أبو نواس في مثل هذا الموضع مع قربه وسهولته .
وقد غلط أبو تمام في قوله .
( بِالْقَائِمِ الثَّامِنِ المُسْتَخْلَفِ اطأدَتْ ... قَوَاعِدُ المُلْكِ مُمْتَدًّا لَهَا الطُّولُ ) .
ألا ترى أنه قال اطأدت والصواب اتطدت لأن التاء تبدل من الواو في موضعين أحدهما مقيس عليه كهذا الموضع لأنك إذا بنيت افتعل من الوعد قلت اتعد ومثله ما ورد في هذا البيت فإنه من وطد يطد كما يقال وعد يعد فإذا بني منه افتعل قيل اتطد ولا يقال اطأد وأما غير المقيس فقولهم في وجاه تجاه وقالوا تكلان وأصله الواو لأنه من وكل يكل فأبدلت الواو تاء للاستسحان فهذه الأمثلة قد أشرت إليها ليعلم مكان الفائدة في أمثالها وتتوقى .
على أني لم أجد أحدا من الشعراء المفلقين سلم من مثل ذلك فإما أن يكون لحن لحنا يدل على جهله مواقع الإعراب وإما أن يكون أخطأ في تصريف الكلمة ولا أعني بالشعراء من هو قريب عهد بزماننا بل أعني بالشعراء من تقدم زمانه كالمتنبي ومن كان قبله كالبحتري ومن تقدمه كأبي تمام ومن سبقه كأبي نواس والمعصوم من عصمه الله تعالى