جعل اللسان واليد سواء فيما جرحا ولما أخر الله المغفرة عن الخائضين فيها حتى يصطلحا فكن أنت ممن أطاع تقواه لا هواه واتبع من علم الحق فرآه أو سمعه فرواه واعلم أن تهاجر الأخوين فوق الثلاثة من منهيات الحرام وأن الفائز بالأجر منهما هو البادئ بالسلام ودفع السيئة بالحسنة يجعل العدو وليا حميما وقد جعل الله المتخلق بهذا الخلق صابرا وجعل له حظا عظيما والشيطان إنما يحوم على آثاره مواقع الشنآن ولا يحمد من أعمال بنيه شيئا إلا ما زيل بين الإخوان .
في هذا الفصل معاني آيات وأخبار وهذا الموضع مختص بذكر الأخبار دون الآيات فأول المعاني المأخوذة من الأخبار قول النبي ( إذا أتاك أحد الخصمين وقد فقئت عينه فلا تحكم له فربما أتى خصمه وقد فقئت عيناه ) وأما المعنى الثاني فقوله ( سباب المؤمن فسوق وقتاله كفر ) وأما المعنى الثالث فقوله ( إن الأعمال تعرض على الله يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل امرئ لا يشرك بالله شيئا إلا امرأ كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقول اتركوا هذين حتى يصطلحا ) وأما المعنى الرابع فقول النبي ( لا يحل للمؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاث ) وأما المعنى الخامس فقول النبي ( إذا التقى المتهاجران فأعرض هذا وأعرض هذا فخيرهما الذي يبدأ بالسلام ) وأما المعنى السادس فقوله ( إن إبليس له عرش على البحر فيبث بنيه في آفاق الأرض فيأتي أحدهم فيقول فعلت كذا وفعلت كذا فيقول ما فعلت شيئا ويأتي أحدهم فيقول زينت بينه وبين أخيه أو بينه وبين زوجته فيقول نعم الولد أنت ) .
فانظر كم في هذه الأسطر اليسيرة من معنى خبر نبوي هذا سوى ما فيها من معاني الآيات وإذا عددت هذه الكلمات المذكورة في هذه الأسطر وجدتها جميعا منتظمة من الآية والخبر وهذا ما يدلك على الإكثار من المحفوظ واستحضاره عند الحاجة إليه على الفور .
ومن ذلك ما ذكرته في صدر كتاب وهو جواب عن كتاب يتضمن تهديدا وتخويفا فقلت ورد الكتاب مضمنا من الوعد والوعيد ما آنس نفس المملوك