مطاعن الشعوبية علىالعرب بشأن العصا .
وقالت الشعوبية ومن يتعصب للعجمية القضيب للايقاع والقناة للقار والعصا للقتال والقوس للرمي وليس بين الكلام وبين العصا سبب ولا بينه وبين القوس نسب وهما الى ان يشغلا العقل ويصرفا الخواطر ويعترضا الذهن أشبه وليس في حملها ما يشحذ الذهن ولا في الاشارة بها ما يجلب اللفظ وقد زعم أصحاب الغناء ان المعنى اذاضرب على غنائه قصر عن المغني الذي لا يضرب على غنائه وحمل العصا بأخلاق الفدادين أشبه وهو بجفاة الاعراب وعنجهية أهل البدو ومزاولة إقامة الإبل على الطرق أشكل وبه أشبه .
وقالوا والخطابة شيء في جميع الامم وبكل الاجيال اليه أعظم الحاجة حتى ان الزنج - مع الغثارة ومع فرط الغباوة ومع كلال الحد وغلظ الحس وفساد المزاج - لتطيل الخطب وتفوق في ذلك جميع العجم وان كانت معانيها أجفى وأغلظ وألفاظها أخطأ وأجهل وقد علمنا ان اخطب الناس الفرس واخطب الفرس اهل فارس واعذبهم كلاما واسهلهم مخرجا واحسنهم ولاء واشدهم فيه تحنكا اهل مرو وافصحهم بالفارسية الدرية وباللغة الفهلوية اهل قصبة الاهوار فأما نغمة الهربذ ونغمة الموبذان فلصاحب تفسير الزمزمة قالوا ومن احب ان يبلغ في صناعة البلاغة ويعرف الغريب ويتبحر في اللغة فليقرأ كتاب كاروند ومن احتاج الى العقل والادب والعلم بالمراتب والعبر والمثلات والالفاظ الكريمة والمعاني الشريفة فلينظر الى سير الملوك .
فهذه الفرس ورسائلها وخطبها وألفاظها ومعانيها وهذه يونان ورسائلها وخطبها وعللها وحكمها وهذه كتبها في المنطق التي قد جعلتها الحكماء بها تعرف السقم من الصحة والخطأ من الصواب وهذه كتب الهند في حكمها وأسرارها وسيرها وعللها فمن قرأ هذه الكتب عرف غور تلك العقول وغرائب تلك الحكم وعرف اين البيان والبلاغة واين تكاملت تلك الصناعة فكيف سقط على جميع الامم من المعروفين بتدقيق المعاني وتخير الالفاظ وتمييز الامور ان يشيروا بالقنا والعصي والقضبان والقسي كلا ولكنكم