( لا أسأل الناس عما في ضمائرهم ... ما في ضميري لهم مني سيكفيني ) .
وقال حمزة بن بيض .
( لم يكن عن جناية لحقتني ... لا يساري ولا يميني جنتني ) .
( بل جناها أخ علي كريم ... وعلى أهلها براقش تجني ) .
لان هذه الكلبة - وهي براقش - انما نبحت غزيا وقد مروا من ورائهم وقد رجعوا خائبين مخفقين فلما نبحتهم استدلوا بنباحها على أهلها فاستباحوهم ولو سكتت كانوا قد سلموا فضرب ابن بيض بها المثل .
وقال الاخطل .
( تنق بلا شيء شيوخ محارب ... وما خلتها كانت تريش ولا تبري ) .
( ضفادع في ظلماء ليل تجاوبت ... فدل عليها صوتها حية النهر ) .
وقالوا الصمت حكم وقليل فاعله وقالوا استكثر من الهيبة صامت وقيل لرجل من كلب طويل الصمت بحق ما سمتكم العلماء خرس العرب فقال أسكت فاسلم وأسمع فاعلم وكانوا يقولون لا تعدلوا بالسلامة شيئا ولا تسمع الناس يقولون جلد فلان حين صمت ولا قتل حين سكت وتسمعهم يقولون جلد فلان حين قال كذا وكذا وقتل حين قال كذا وكذا وفي الحديث المأثور رحم الله من سكت فسلم او قال خيرا فغنم والسلامة فوق الغنيمة لان السلامة أصل والغنيمة فرع .
وقال النبي ( ان الله يبغض البليغ الذي يتخلل بلسانه كما تتخلل الباقرة بلسانها ) ح .
وقيل ان كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب وقال صاحب البلاغة والخطابة وأهل البيان وحب التبيين انما عاب النبي المتشادقين والثرثارين والذي يتخلل بلسانه كما تتخلل الباقرة بلسانها والاعرابي المتشادق وهو الذي يصنع بفكيه وشدقيه ما لا يستجيزه أهل الأدب من خطباء أهل المدر فمن تكلف ذلك منهم فهو أعيب والذم له ألزم وقد كان الرجل من العرب يقف الموقف فيرسل عدة أمثال سائرة ولم يكن الناس جميعا يتمثلون بها الا لما فيها من المرفق والانتفاع ومدار العلم على الشاهد والمثل .
وانما حثوا على الصمت لان العامة الى معرفة خطأ القول أسرع منهم الى