ويود إلى استحضار صورة رؤية المجرمين ناكسي الرؤوس قائلين لما يقولون وصورة رؤية الظالمين موقوفين عند ربهم متقاولين بتلك المقالات وصورة ودادة الكافرين لو أسلموا كما في قوله تعالى ( والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها ) إذ قال فتثير سحابا استحضارا لتلك الصورة البديعة الدالة على القدرة الباهرة من إثارة السحاب مسخرا بين السماء والأرض تبدو في الأول كأنها قطع قطن منتوف ثم تنضام متقلبة بين أطوار حتى يعدن ركاما وكقول تأبط شرا .
( ألا من مبلغ فتيان فهم ... بما لاقيت عند رحا بطان ) .
( بأني قد لقيت الغول تهوي ... بسبب كالصحيفة صحصحان ) .
( فقلت لها كلانا نضو أرض ... أخو سفر فخلي لي مكاني ) .
( فشده شدة نحوي فأهوت ... لها كفي بمصقول يماني ) .
( فأضربها بلا دهش فخرت ... صريعا لليدين وللجران ) .
إذا قال فأضربها ليصور لقومه الحالة التي تشجع فيها على ضرب الغول كأنه يبصرهم إياها ويتطلب منهم مشاهدتها تعجيبا من جراءته على كل هول وثباته عند كل شدة ومنه قوله تعالى ( إن مثل عيس عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ) إذ قال كن فيكون دون فكان وكذا قوله تعالى ( ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان