إنكم إذا لفي ضلال مبين ولذلك قيل آمنت بربكم دون بربي وأتبعه فاسمعوني ووجه حسنة تطلب إسماع المخاطبين الذين هم أعداء المسمع والحق على وجه لا يورثهم مزيد غضب وهو ترك التصريح بنسبتهم إلى الباطل ومواجهتهم بذلك ويعين على قبوله لكونه أدخل في امحاض النصح لهم حيث لا يريد لهم إلا ما يريد لنفسه ومن هذا القبيل قوله تعالى ( قل لا تسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تعملون ) فإن حق النسق من حيث الظاهر قل لا تسألون عما عملنا ولا نسأل عما تجرمون وكذا ما قبله وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين .
قال السكاكي C وهذا النوع من الكلام يسمى المنصف ومما يتصل بما ذكرناه أن الزمخشري قدر قوله تعالى ( ودوا لو تكفرون ) عطفا على جواب الشرط في قوله تعالى ( إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديكم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون ) وقال الماضي وإن كان يجري في باب الشرط مجرى المضارع في علم الإعراب فإن فيه نكتة كأنه قيل وودوا قبل كل شيء كفركم وارتدادكم يعني أنهم يريدون أن يلحقوا بكم مضار الدنيا والدين جميعا من قتل الأنفس وتمزيق الأعراض وردكم كفارا أسبق المضار عندهم وأولها لعلمهم أن الدين أعز عليكم من أرواحكم لأنكم بذالونه لها دون والعدو أهم شيء عنده أن يقصد أعز شيء عند صاحبه .
هذا كلامه وهو حسن دقيق لكن في جعل وودوا لو تكفرون عطفا على جواب الشرط نظر لأن ودادتهم أن يرتدوا