وقد ظهر من هذا أن قوله تعالى ( وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا ) ليس واردا على القلب إذ ليس في تقدير القلب فيه اعتبار لطيف .
وكذا قوله تعالى ( ثم دنا فتدلى ) وكذا قوله تعالى ( اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثم تول عنهم فانظر ماذا يرجعون ) فأصل الأول أردنا إهلاكها فجاءها بأسنا أي إهلاكنا وأصل الثاني ثم أراد الدنو من محمد فتدلى فتعلق عليه في الهواء .
ومعنى الثالث تنح عنهم إلى مكان قريب تتوارى فيه ليكون ما يقولونه بمسمع منك فانظر ماذا يرجعون فيقال إنه دخل عليها من كوة فألقى الكتاب إليها وتوارى في الكوة وأما قول خداش .
( وتشقى الرماح بالضياطرة الحمر ... ) .
فقد ذكر له سوى القلب وجهان أحدهما أن يجعل شقاء الرماح بهم استعارة عن كسرها بطعنهم بها والثاني أن يجعل نفس طعنهم شقاء لها تحقيرا لشأنهم وأنهم ليسوا أهلا لأن يطعنوا بها كما يقال شقي الخز بجسم فلان إذا لم يكن أهلا للبسه وقيل في قول قطري بن الفجاءة .
( ثم انصرفت وقد أصبت ولم أصب ... جذع البصيرة قارح الإقدام ) إنه من باب القلب على أن لم أصب بمعنى لم أجرح أي قارح البصيرة جذع الإقدام كما يقال إقدام غر أي مجرب .
وأجيب عنه بأن لم