أن المبتدأ يستدعي أن يستند إليه شيء فإذا جاء بعده ما يصلح أن يستند إليه صرفه إلى نفسه فينعقد بينهما حكم سواء كان خاليا عن ضميره نحو زيد غلامك أو متضمنا له نحو أنا عرفت وأنت عرفت وهو عرف أو زيد عرف ثم إذا كان متضمنا لضميره صرفه ذلك الضمير إليه ثانيا فيكتسي الحكم قوة ومما يدل على أن التقديم يفيد التأكيد أن هذا الضرب من الكلام يجيء فيما سبق فيه إنكار من منكر نحو أن يقول الرجل ليس لي علم بالذي تقول فتقول أنت تعلم أن الأمر على ما أقول وعليه قوله تعالى ( ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون ) لأن الكاذب لا سيما في الدين لا يعترف بأنه كاذب فيمتنع أن يعترف بالعلم بأنه كاذب وفيما اعترض فيه شك نحو أن تقول للرجل كأنك لا تعلم ما صنع فلان فيقول أنا أعلم وفي تكذيب مدع كقوله تعالى ( وإذا جاءوكم قالوا آمنا وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به ) فإن قولهم آمنا دعوى أنهم لم يخرجوا بالكفر كما دخلوا به وفيما يقتضي الدليل أن لا يكون كقوله تعالى ( والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ) فإن مقتضى الدليل أن لا يكون ما يتخذ إلها مخلوقا وفيما يستغرب كقولك أن لا تعجب من فلان يدعي العظيم وهو يعيا باليسير وفي الوعد والضمان كقولك للرجل أنا أكفيك أنا أقوم بهذا الأمر لأن من شأن من تعده وتضمن له أن يعترضه الشك في إنجاز الموعد والوفاء بالضمان فهو