وشهادة ذم الناقص أبا الطيب كزيادة حب الطرماح لنفسه .
وكذا قول أبي العلاء المعري في مرثية .
( وما كلفة البدر المنير قديمة ... ولكنها في وجهه أثر اللطم ) وقول القيسراني .
( وأهوى الذي أهوى له البدر ساجدا ... ألست ترى في وجهه أثر الترب ) وأوضح من ذلك قول جرير .
( فلا يمنعك من أرب لحاهم ... سواء ذو العمامة والخمار ) وقول أبي الطيب .
( ومن في كفه منهم قناة ... كمن في كفه منهم خضاب ) .
ولا يغرك من البيتين المتشابيهن أن يكون أحدهما نسيبا والآخر مديحا أو هجاء أو افتخارا أو غير ذلك فإن الشاعر الحاذق إذا عمد إلى المعنى المختلس لينظمه تحيل في إخفائه فغير لفظه وعدل به عن نوعه ووزنه وقافيته ومنه النقل وهو أن ينقل معنى الأول إلى غير محله كقول البحتري .
( سلبوا وأشرقت الدماء عليهم ... محمرة فكأنهم لم يسلبوا ) نقله أبو الطيب إلى السيف فقال .
( يبس النجيع عليه وهو مجرد ... عن غمده فكأنما هو مغمد ) .
ومنه أن يكون معنى الثاني أشمل من معنى الأول كقول جرير .
( إذا غضبت عليك بنو تميم ... وجدت الناس كلهم غضابا )