إليه كل أحد فهذا الذي يجوز أن يدعي فيه الاختصاص والسبق وأن يقضي بين القائلين فيه بالتفاضل وأن أحدهما فيه أفضل من الآخر وأن الثاني زاد على الأول أو نقص عنه وهو ضربان أحدهما ما كان في أصله خاصيا غريبا والثاني ما كان في أصله عاميا مبتذلا لكن تصرف فيه بما أخرجه من كونه ظاهرا ساذجا إلى خلاف ذلك وقد سبق ذكر أمثلتهما في التشبيه والاستعارة إذا عرفت هذا فنقول الأخذ والسرقة نوعان ظاهر وغير ظاهر .
أما الظاهر فهو أن يؤخذ المعنى كله إما مع اللفظ كله أو بعضه وإما وحده فإن كان المأخوذ كله من غير تغيير لنظمه فهو مذموم مردود لأنه سرقة محضة ويسمى نسخا وانتحالا كما حكي أن عبد الله بن الزبير دخل على معاوية فأنشده .
( إذا أنت لم تنصف أخاك وجدته ... على طرف الهجران إن كان يعقل ) .
( ويركب حد السيف من أن تضيمه ... إذا لم يكن عن شفرة السيف مرحل ) .
فقال له معاوية لقد شعرت بعدي يا أبا بكر ولم يفارق عبد الله المجلس حتى دخل معن بن أوس المزني فأنشد كلمته التي أولها .
( لعمرك ما أدري وإني لأوجل ... على أينا تعدو المنية أول ) .
حتى أتى عليها وفيها ما أنشده عبد الله فأقبل معاوية على عبد الله وقال له ألم تخبرني أنهما لك فقال المعنى لي واللفظ له وبعد فهو أخي من الرضاعة وأنا أحق بشعره وقد روي لأوس ولزهير في قصيدتهما هذا البيت .
( إذا أنت لم تعرض عن الجهل والخنا ... أصبت حليما أو أصابك جاهل )