أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر ولكن الله سلم إنه عليم بذات الصدور وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمرا كان مفعولا وإلى الله ترجع الأمور ) أو متوسط كقوله تعالى ( اقتربت الساعة وانشق القمر وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر ) ومن لطيف السجع قول البديع الهمذاني من كتاب له إلى ابن فريقون كتابي والبحر وإن لم أره فقد سمعت خبره والليث وإن لم ألقه فقد تصورت خلقه والملك العادل وإن لم أكن لقيته فقد لقيني صيته ومن رأى من السيف أثره فقد رأى أكثره واعلم أن فواصل الأسجاع موضوعة على أن تكون ساكنة الأعجاز موقوفا عليها لأن الغرض أن يزاوج بينها ولا يتم ذلك في كل صورة إلا بالوقف ألا ترى أنك لو وصلت قولهم ما أبعد ما فات وما أقرب ما هو آت .
لم يكن بد من إجراء كل من الفاصلتين على ما يقتضيه حكم الإعراب فيفوت الغرض من السجع وإذا رأيتهم يخرجون الكلم عن أوضاعها للازدواج في قولهم إني لآتيه بالغدايا والعشايا أي بالغدوات فما أظنك بهم في ذلك وقيل إنه لا يقال في القرآن أسجاع وإنما يقال فواصل وقيل السجع غير مختص بالنثر ومثاله من الشعر قول أبي تمام .
( تجلى به رشدي وأثرت به يدي ... وفاض به ثمدي وأورى به زندي )