فإنه ضمن وصف الليل بالطول الشكاية من الدهر .
وقول ابن المعتز في الخيري .
( قد نفض العاشقون ما صنع الهجر ... بألوانهم على ورقه ) .
فإن الغرض وصف الخيري بالصفرة فأدمج الغزل في الوصف وفيه وجه آخر من الحسن وهو إيهام الجمع بين متنافيين أعني الإيجاز والإطناب أما الإيجاز فمن جهة الإدماج وأما الإطناب فلأن أصل المعنى أنه أصفر فاللفظ زائد عليه لفائدة .
ومنه قول ابن نباتة .
( ولا بد لي من جهلة في وصاله ... فمن لي بخل أودع الحلم عنده ) .
فإن ضمن الغزل الفخر بكونه حليما المكنى عنه بالاستفهام عن وجود خل صالح لأن يودعه حلمه وضمن الفخر بذلك بإخراج الاستفهام مخرج الإنكار شكوى الزمان لتغير الإخوان حتى لم يبق فيهم من يصلح لهذا الشأن ونبه بذلك على أنه لم يعزم على مفارقة حلمه جملة أبدا ولكن إذا كان مريدا لوصل هذا المحبوب المستلزم للجهل المنافي للحلم عزم على أنه إن وجد من يصلح لأن يودعه حلمه أودعه إياه فإن الودائع تستعاد قيل ومنه قول الآخر يهنئ بعض الوزراء لما استوزر .
( أبى دهرنا إسعافنا في نفوسنا ... وأسعفنا فيمن نحب ونكرم ) .
( فقلت له نعماك فيهم أتمها ... ودع أمرنا أن المهم المقدم ) .
فإنه أدمج شكوى الزمان وما هو عليه من اختلال الأحوال في التهنئة وفيه نظر لأن شكوى الزمان مصرح بها في صدره فكيف تكون مدمجة ولو عكس فجعل التهنئة مدمجة في الشكوى أصاب