في هذا الضرب أيضا أن يكون منقطعا لكنه باق على حاله لم يقدر متصلا فلا يفيد التأكيد إلا من الوجه الثاني من الوجهين المذكورين ولهذا قلنا الأول أفضل ومنه قول النابغة الجعدي .
( فتى كملت أخلاقه غير أنه ... جواد فما يبقي من المال باقيا ) وأما قوله تعالى ( لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما ) فيحتمل الوجهين وأما قوله تعالى ( لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما ) فيحتملهما ويحتمل وجها ثالثا وهو أن يكون الاستثناء من أصله متصلا لأن معنى السلام هو الدعاء بالسلامة وأهل الجنة عن الدعاء بالسلامة أغنياء فكان ظاهره من قبيل اللغو وفضول الكلام لولا ما فيه من فائدة الإكرام ومن تأكيد المدح بما يشبه الذم ضرب ثالث وهو أن يأتي الاستثناء فيه مفرغا كقوله تعالى ( وما تنقم منا إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا ) أي وما تعيب منا إلا أصل المناقب والمفاخر كلها وهو الإيمان بآيات الله ونحوه قوله ( قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا ) فإن الاستفهام فيه للإنكار واعلم أن الاستدراك في هذا الباب يجري مجرى الاستثناء كما في قول أبي الفضل بديع الزمان الهمذاني .
( هو البدر إلا أنه البحر زاخر ... سوى أنه الضرغام لكنه الوبل )