فصل في بيان الاستعارة بالكناية والاستعارة التخييلية .
قد يضمر التشبيه في النفس فلا يصرح بشيء من أركانه سوى لفظ المشبه ويدل عليه بأن يثبت للمشبه أمر مختص بالمشبه به من غير أن يكون هناك أمر ثابت حسا أو عقلا أجري عليه اسم ذلك الأمر فيسمى التشبيه استعارة بالكناية أو مكنيا عنها وإثبات ذلك الأمر للمشبه استعارة تخييلية والعلم في ذلك قول لبيد .
( وغداة ريح قد كشفت وقرة ... إذ أصبحت بيد الشمال زمامها ) .
فإنه جعل للشمال يدا ومعلوم أنه ليس هناك أمر ثابت حسا أو عقلا تجري اليد عليه كإجراء الأسد على الرجل الشجاع والصراط على ملة الإسلام فيما سبق ولكن لما شبه الشمال لتصريفها القرة على حكم طبيعتها في التصريف بالإنسان المصرف لما زمامه بيده أثبت لها يدا على سبيل التخييل مبالغة في تشبيهها به وحكم الزمان في استعارته للقرة حكم اليد في استعارتها للشمال فجعل للقرة زماما ليكون أتم في إثباتها مصرفة كما جعل للشمال يدا ليكون أبلغ في تصييرها متصرفة فوفى المبالغة حقها من الطرفين فالضمير في أصبحت وزمامها للقرة وهو قول الزمخشري والشيخ عبد القاهر جعله للغداة والأول أظهر