جنس الأسد قسمان بطريق التأويل متعارف وهو الذي له غاية الجراءة ونهاية قوة البطش مع الصورة المخصوصة وغير متعارف وهو الذي له تلك الجراءة وتلك القوة لا مع تلك الصورة بل مع صورة أخرى على نحو ما ارتكب المتنبي هذا الادعاء في عد نفسه وجماعته من جنس الجن وعن جماله من جنس الطير حين قال .
( نحن قوم الجن في زي ناس ... فوق طير لها شخوص الجمال ) .
مستشهدا لدعواه هاتيك بالمخيلات العرفية وأن تخصص القرينة بنفيها المتعارف الذي يسبق إلى الفهم ليتعين الآخر ومن البناء على هذا التنويع قوله .
( تحية بينهم ضرب وجيع ... ) وقولهم عتابك السيف وقوله تعالى ( يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ) ومنه قوله .
( وبلدة ليس بها أنيس ... إلا اليعافير وإلا العيس ) .
وإذ قد عرفت معنى الاستعارة وأنها مجاز لغوي فاعلم أن الاستعارة تفارق الكذب من وجهين بناء الدعوى فيها على التأويل ونصب القرينة على أن المراد بها خلاف ظاهرها فإن الكاذب يتبرأ من التأويل ولا ينصب دليلا خلاف زعمه وأنها لا تدخل في الأعلام لما سبق من أنها تعتمد إدخال المشبه في جنس المشبه به والعلمية تنافي الجنسية وأيضا لأن العلم لا يدل إلا على تعين شيء من غير