في منقطعه هيئة تشبه آثار الغالية في جوانب المدهن إذا كانت بقية بقيت عن الأصابع وقوله في قراراتها مسك يبين الأمر الأول ويؤمن من دخول النقص عليه كما كان يدخل لو قال فيها مسك ولم يشترط أن يكون في القرارة وأما الثاني فلا يدل عليه كما يدل قوله بقايا عالية لأن من شأن المسك الشيء اليابس إذا حصل في شيء مستدير له قعر أن يستدير في القعر ولا يرتفع في الجوانب الارتفاع الذي في سواد الآذريونة بخلاف الغالية فإنها رطبة ثم تؤخذ بالأصابع فلا بد في البقية منها أن يرتفع عن القرارة ذلك الارتفاع ثم هي لنعومتها ترق فتكون كالصبغ الذي لا يظهر له جرم وذلك أصدق للشبه والبليغ من التشبيه ما كان من هذا النوع أعني البعيد لغرابته ولأن الشيء إذا نيل بعد الطلب له والاشتياق إليه كان نيله أحلى وموقعه من النفس ألطف وبالمسرة أولى ولهذا ضرب المثل لكل ما لطف موقعه ببرد الماء على الظمأ كما قال .
( وهن ينبذن من قول يصبن به ... مواقع الماء من ذي الغلة الصادي ) .
لا يقال عدم الظهور ضرب من التعقيد والتعقيد مذموم لأنا نقول التعقيد كما سبق له سببان سوء ترتيب الألفاظ واختلال الانتقال من المعنى الأول إلى المعنى الثاني الذي هو المراد باللفظ والمراد بعد الظهور في التشبيه ما كان سببه لطف المعنى ودقته أو ترتيب بعض المعاني على بعض كما يشعر بذلك قولنا في بادىء الرأي فإن المعاني الشريفة لا بد فيها في غالب الأمر من بناء ثان على أول ورد تال إلى سابق كما في قول البحتري