فإن تشبيه المؤدب في صباه بالعود المسقي أو أن غرسه فيما يلزم كل واحد من كون المؤدب في صباه مهذب الأخلاق حميد الفعال لتأديبه المصادف وقته وكون العود المسقى أو أن غرسه مونقا بأوراقه ونضرته لسقيه المصادف وقته من تمام الميل وكمال الاستحسان بعد خلاف ذلك ومنها قوله تعالى ( مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون ) فإن تشبيه حال المنافقين بحال الموصوف بصلة الموصول في الآية في أمر حقيقي منتزع من متعدد وهو الطمع في حصول مطلوب لمباشرة أسبابه القريبة مع تعقب الحرمان والخيبة لانقلاب الأسباب .
وغير التمثيل ما كان بخلاف ذلك كما سبق في الأمثلة المذكورة .
والمجمل ما لم يذكر وجهه فمنه ما هو ظاهر يفهمه كل أحد حتى العامة كقولنا زيد أسد إذ لا يخفى على أحد أن المراد به التشبيه في الشجاعة دون غيرها ومنه ما هو خفي لا يدركه إلا من له ذهن يرتفع عن طبقة العامة كقول من وصف بني المهلب للحجاج لما سأله عنهم وأن أيهم أنجد كانوا كالحلقة المفرغة لا يدرى أين طرفاها أي لتناسب أصولهم وفروعهم في الشرف يمتنع تعيين بعضهم فاضلا وبعضهم أفضل منه كما أن الحلقة المفرغة لتناسب أجزائها يمتنع تعيين بعضها طرفا وبعضها وسطا هكذا نسبه الشيخ عبد القاهر إلى من وصف بني المهلب ونسبه الشيخ جار الله العلامة إلى الأنمارية قيل هي فاطمة بنت الخرشب سئلت عن بنيها أيهم أفضل فقالت عمارة لا بل فلان لا بل