الفاء كما يقال أعطيته فشكر ومنعته فصبر وعطفه بالواو إشعارا بأن ما قالاه بعض ما أحدث فيهما العلم كأنه قال فعملا به وعلماه وعرفا حق النعمة فيه والفضيلة وقالا الحمد لله .
وقال السكاكي يحتمل عندي أنه تعالى أخبر عما صنع بهما وعما قالا كأنه قال نحن فعلنا إيتاء العلم وهما فعلا الحمد من غير بيان ترتبه عليه اعتمادا على فهم السامع كقولك قم يدعوك بدل قم فإنه يدعوك .
واعلم أن الحذف على وجهين أحدهما أن لا يقام شيء مقام المحذوف كما سبق والثاني أن يقام مقامه ما يدل عليه كقوله تعالى ( فإن تولوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم ) ليس الإبلاغ هو الجواب لتقدمه على توليهم والتقدير فإن تولوا فلا لوم علي لأني قد أبلغتكم أو فلا عذر لكم عند ربكم لأني قد أبلغتكم وقوله ( وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك ) أي فلا تحزن واصبر فإنه قد كذبت رسل من قبلك وقوله ( وإن يعودوا فقد مضت سنة الأولين ) أي فيصيبهم مثل ما أصاب الأولين .
وأدلة الحذف كثيرة منها أن يدل العقل على الحذف والمقصود الأظهر على تعيين المحذوف كقوله تعالى ( حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير ) الآية وقوله ( حرمت عليكم أمهاتكم ) الآية فإن