فالمؤمن أعطي المعرفة وقيل له تبحر في علم هذه المعرفة وانظر إلى ما ظهر لك من عظمته وقدرته وجلاله وملكه وانظر إلى تدبيره وحكمته وصنائعه وانظر إلى مجده وإحسانه فذهب بهذا النظر بما أعطى من النور إلى أشغال النفس وأمور الدنيا فخاب وخسر .
وإن ذهب بهذا النظر إلى ما ذكرنا بما أظهر ربنا تبارك وتعالى من أموره ازداد يقينا وخشية وخوفا وحياء وازداد حسن الظن بالله تعالى واستغنى به عن جميع خلقه ولذلك قال رسول الله ( إن يوما لا أزداد فيه علما بقربي إلى الله تعالى لا بورك لي في طلوع شمس ذلك اليوم ) .
وروي لنا أن رجلا جاء إلى رسول الله فقال يا رسول الله علمني غرائب العلم قال ( ما صنعت في رأس العلم ) فقال له ( هل عرفت ربك ) قال نعم فقال ( ما صنعت في حقه ) قال ما شاء الله قال ( هل عرفت الموت ) قال نعم قال ( فما أعددت له ) قال ما شاء الله قال ( فاذهب فتعلم رأس العلم ثم تعال حتى أعلمك غرائب العلم ) .
فإنما دله رسول الله على العلم بالله ليقوم بحقه .
ألا ترى أنه سأله عن حقه ليعلم أن من ضيع حقه وجهل