يتحدثان وأوصى خادما له بالاستماع عليهما وإعادة ما تسمعه منهما عليه فلما خلوا تشاكيا ما وجدا بعد الفراق فطالت الشكوى وهو يبكي أحر بكاء ثم أتته بشراب وسألته أن يشربه فقال والله ما دخل جوفي حرام قط ولا ارتكبته منذ كنت ولو استحللت حراما لكنت قد استحللته منك فأنت حظي من الدنيا وقد ذهبت مني وذهبت بعدك فما أعيش .
وقد أجمل هذا الرجل الكريم وأحسن وأنا مستحي منه ووالله لا أقيم بعد علمه مكاني وإني عالم أني أرحل إلى منيتي .
فبكت وبكى وانصرف .
فلما جاء زوجها أخبرته الخادمة بما دار بينهما فقال يا عفراء امنعي ابن عمك من الخروج فقالت لا يمتنع هو والله أكرم وأشد حياء من أن يقيم بعد ما جرى بينكما فدعاه وقال له يا أخي اتق الله في نفسك فقد عرفت خبرك وإنك إن رحلت تلفت والله لا أمنعك من الاجتماع معها أبدا ولئن شئت لأفارقنها ولأنزلن عنها لك .
فجزاه خيرا وأثنى عليه وقال إنما كان الطمع فيها آفتي والآن قد يئست وقد حملت نفسي على اليأس والصبر فإن اليأس يسلي ولي أمور ولا بد لي من رجوعي إليها فإن وجدت من نفسي قوة على ذلك وإلا رجعت إليكم وزرتكم حتى يقضي الله من أمري ما يشاء .
فزودوه وأكرموه وشيعوه فانصرف .
فلما رحل عنهم نكس بعد صلاحه وتماثله وأصابه غشي وخفقان فكان كلما أغمي عليه ألقي على وجهه خمار لعفراء زودته إياه فيفيق