وصلاح أمر فلما كان من الغد غدوت عليه وعلي جبة لي صوف وبت وليس علي إزار إلا أني قد شددت بعمامتي وسطي فسلمت عليه فرد علي السلام وقال للأصفر قم إليه فقد أرى أنه أتاك الله بما يجزيك فقال العبد اتزر يا أعرابي فأخذت بتي فاتزرت به على جبتي فقال هيهات هذا لا يثبت إذا قبضت عليه جاء في يدي قال فقلت والله ما لي من إزار قال فدعا الأمير بملحفة ما رأيت قبلها ولا علا جلدي مثلها فشددت بها على حقوي وخلعت الجبة قال وجعل العبد يدور حولي ويريد ختلي وأنا منه وجل ولا أدري كيف أصنع به ثم دنا مني دنوة فنقد جبهتي نقدة حتى ظننت أنه قد شجني وأوجعني فغاظني ذلك فجعلت أنظر في خلقه ثم أقبض منه فما وجدت في خلقه شيئا أصغر من رأسه فوضعت إبهامي في صدغيه وأصابعي الأخر في أصل أذنيه .
ثم غمزته غمزة صاح منها قتلني قتلني فقال الأمير اغمس رأس العبد في التراب .
قال فقلت له ذلك لك علي قال فغمست والله رأسه في التراب ووقع شبيها بالمغشي عليه فضحك الأمير حتى استلقى وأمر لي بجائزة وكسوة وانصرفت .
فرار هلال إلى اليمن .
قال أبو الفرج ولهلال أحاديث كثيرة من أعاجيب شدته وقد ذكره حاجب بن ذبيان فقال قوم من بني رباب من بني حنيفة في شيء كان بينهم فيه أربع ضربات بالسيف فقال حاجب .
( وقائلةٍ وباكية بشَجْوٍ ... لَبئس السيفُ سيفُ بني رِباب ) .
( ولو لاقَى هلالَ بني رِزَام ... لعجّله إلى يوم الحساب )