عمرو بن عوف فاجعل بيننا وبينك عدلا من قومك فما حكم علينا سلمنا لك فارعوى مالك عند ذلك وقال نعم فاختاروا عمرو بن امرئ القيس أحد بني الحارث بن الحزرج فرضي القوم به واستوثق منهم ثم قال فإني أقضي بينكم إن كان سمير قتل صريحا من القوم فهو به قود وإن قبلوا العقل فلهم دية الصريح وإن كان قتل مولى فلهم دية المولى بلا نقص ولا يعطى فوق نصف الدية وما أصبتم منا في هذه الحرب ففيه الدية مسلمة إلينا وما أصبنا منكم فيها علينا فيه دية مسلمة إليكم .
فلما قضى بذلك عمرو بن امرئ القيس غضب مالك بن العجلان ورأى أن يرد عليه رأيه وقال لا أقبل هذا القضاء وأمر قومه بالقتال فجمع القوم بعضهم لبعض ثم التقوا بالفضاء عند آطام بني قينقاع فاقتتلوا قتالا شديدا ثم تداعوا إلى الصلح فحكموا ثابت بن حرام بن المنذر أبا حسان بن ثابت النجاري فقضى بينهم أن يدوا مولى مالك بن العجلان بدية الصريح ثم تكون السنة فيهم بعده على مالك وعليهم كما كانت أول مرة المولى على ديته والصريح على ديته فرضي مالك وسلم الآخرون وكان ثابت إذ حكموه أراد إطفاء النائرة فيما بين القوم ولم شعثهم فأخرج خمسا من الإبل من قبيلته حين أبت عليه الأوس أن تؤدي إلى مالك أكثر من خمس وأبى مالك أن يأخذ دون عشر .
فلما أخرج ثابت الخمس أرضى مالكا بذلك ورضيت الأوس واصطلحوا بعهد وميثاق ألا يقتل رجل في داره ولا معقله والمعاقل النخل فإذا خرج رجل من داره أو معقله فلا دية له ولا عقل ثم انظروا في القتلى فأي الفريقين فضل على صاحبه ودى له صاحبه فأفضلت الأوس على الخزرج بثلاثة نفر فودتهم الأوس واصطلحوا .
ففي ذلك يقول حسان بن ثابت لما كان أبوه أصلح بينهم ورضاهم بقضائه في ذلك