خرجنا في سفرة ومعنا رجل فانتهينا إلى واد فدعونا بالغداء فمد الرجل يده إلى الطعام فلم يقدر عليه وهو قبل ذلك يأكل معنا في كل منزل فخرجنا نسأل عن حاله فلقينا رجلا طويلا أحول مضطرب الخلق في زي الأعراب فقال لنا ما لكم فأنكرنا سؤاله لنا فأخبرناه خبر الرجل فقال ما اسم صاحبكم فقلنا أسيد فقال هذا واد قد أخذت سباعه فارحلوا فلوقد جاوزتم الوادي استمر صاحبكم وأكل .
قلنا في أنفسنا هذا من الجن ودخلتنا فزعة ففهم ذلك وقال ليفرخ روعكم فأنا طويس قال له بعض من معنا من بني غفار أو من بني عبس مرحبا بك يا أبا عبد النعيم ما هذا الزي فقال دعاني بعض أودائي من الأعراب فخرجت إليهم وأحببت أن أتخطى الأحياء فلا ينكروني .
فسألت الرجل أن يغنينا فاندفع ونقر بدف كان معه مربع فلقد تخيل لي أن الوادي ينطق معه حسنا وتعجبنا من علمه وما أخبرنا به من أمر صاحبنا .
وكان الذي غنى به في شعر عروة بن الورد في سلمى امرأته الغفارية حيث رهنها على الشراب .
( سَقَوْني الخمرَ ثم تَكَنَّفُونِي ... عُداةُ الله من كّذِبٍ وزُورِ ) .
( وقالوا لستَ بعدَ فِداء سَلْمَى ... بمُفْنٍ ما لديك ولا فقيرِ ) .
( فلا واللهِ لو مُلِّكْتُ أمري ... ومَنْ لي بالتَّدَبُّر في الأمورِ )