كان ساكنا مني فلأحدثنكما حديثا حلوا بينا أنا أول أعوامي جالس إذا بخالد الخريت قال مررت بأربع نسوة قبيل يردن ناحية كذا وكذا من مكة لم أر مثلهن قط فيهن هند فهل لك أن تأتيهن متنكرا فتسمع من حديثهن ولا يعلمن فقلت وكيف لي بأن يخفى ذلك قال تلبس لبسة الأعراب ثم تقعد على قعود كأنك تنشد ضالة فلا يشعرن حتى تهجم عليهن قال فجلست على قعود ثم أتيتهن فسلمت عليهن فآنسنني وسألنني أن أنشدهن فأنشدتهن لكثير وجميل وغيرهما وقلن يا أعرابي ما أملحك لو نزلت فتحدثت معنا يومنا هذا فإذا أمسيت انصرفت فأنخت قعودي وجلست معهن فحدثتهن وأنشدتهن فدنت هند فمدت يدها فجذبت عمامتي فألقتها عن رأسي ثم قالت تالله لظننت أنك خدعتنا نحن والله خدعناك أرسلنا إليك خالدا الخريت في إتياننا بك على أقبح هيئتك ونحن على أحسن هيئتنا ثم أخذن بنا في الحديث فقالت إحداهن يا سيدي لو رأيتني منذ أيام وأصبحت عند أهلي فأدخلت رأسي في جيبي فنظرت إلى حري فرأيته ملء العس والقس فصحت يا عمراه فصحت لبيك لبيك ولم أزل معهن في أحسن وقت إلى أن أمسينا فتفرقنا عن أنعم عيش فذلك حين أقول .
( أَلم تعرفِ الأطلالَ والمتربَّعا ... ببطن حُلَيّات دَوارسَ بَلْقعا )