دخل أبو نخيلة على أبي العباس قال وكان لا يجترىء عليه مع ما يعرفه به من اصطناع مسلمة إياه وكثرة مديحه لبني مروان حتى علم أنه قد عفا عمن هو أكبر محلا من القوم وأعظم جرماً منه فلما وقف بين يديه سلم عليه ودعا له وأثنى ثم استأذنه في الإنشاد فقال له ومن أنت قال عبدك يا أمير المؤمنين أبو نخيلة الحماني فقال لا حياك الله ولا قرب دارك يا نضو السوء ألست القائل في مسلمة بن عبد الملك بالأمس .
( أمَسْلَم يا من ساد كلّ خليفةٍ ... ويا فارس الهيجا ويا قمرَ الأرض ) .
والله لولا أني قد أمنت نظراءك لما ارتد إليك طرفك حتى أخضبك بدمك فقال أبو نخيلة .
( كنّا أناساً نرهب الأملاكا ... ) .
وذكر الأبيات المتقدمة كلها مثل ما مضى من ذكرها فتبسم أبو العباس ثم قال له أنت شاعر وطالب خير وما زال الناس يمدحون الملوك في دولهم والتوبة تكفر الخطيئة والظفر يزيد الحقد وقد عفونا عنك واستأنفنا الصنيعة لك وأنت الآن شاعرنا فاتسم بذلك فيزول عنك ميسم بني مروان فقد كفر هذا ذاك كما قلت ثم التفت إلى أبي الخصيب فقال يا مرزوق أدخله دار الرقيق فخيره جارية يأخذها لنفسه ففعل واختار جارية وطفاء كثيرة اللحم فلم يحمدها فلما كان من غد دخل على أبي العباس وعلى رأسه وصيفة حسناء تذب عنه فقال له قد عرفت خبر الجارية التي أخذتها بالأمس وهي كذناكونه فاحتفظ بها فأنشأ يقول