فاستعلق واستعوى السليك قومه فخرج أحماس من بني سعد وبني عبد شمس وكان في الربيع يعمد إلى بيض النعام فيملؤه من الماء ويدفنه في طريق اليمن في المفاوز قال فإذا غزا في الصيف مر به فاستثاره فمر بأصحابه حتى إذا انقطعت عنهم المياه قالوا يا سليك أهلكتنا ويحك قال قد بلغتم الماء ما أقربكم منه حتى إذا انتهى إلى قريب من المكان الذي خبأ الماء فيه طلبه فلم يجده وجعل يتردد في طلبه فقال بعض أصحابه لبعض أين يقودكم هذا العبد قد والله هلكتم وسمع ذلك ثم أصاب الماء بعد ما ساء ظنهم فهم السليك بقتل بعضهم ثم أمسك .
فانصرفت عنه بنو عبد شمس في طوائف من بني سعد قال ومضى السليك في بني مقاعس ومعه رجل من بني حرام يقال له صرد فلما رأى أصحابه قد انصرفوا بكى ومضى به السليك حتى إذا دنوا من بلاد خثعم ضلت ناقة صرد في جوف الليل فخرج في طلبها فأصابه أناس حين أصبح فإذا هم مراد وخثعم فأسروه ولحقه السليك فاقتتلوا قتالاً شديداً .
وكان أول من لقيه قيس بن مكشوح فأسره السليك بعد أن ضربه ضربة أشرفت على نفسه وأصاب من نعمهم ما عجز عنه هو وأصحابه وأصاب أم الحارث بنت عوف بن يربوع الخثعمية يومئذ واستنفذ صرد من أيدي خثعم ثم انصرف مسرعاً فلحق بأصحابه الذين انصرفوا عنه قبل أن يصلوا إلى الحي وهم أكثر من الذين شهدوا معه فقسمها بينهم على سهام الذين شهدوا وقال السليك في ذلك .
( بكى صُرَدٌ لما رأى الحيّض أعرضَت ... مهامةُ رملٍ دونْهم وسُهوبُ )