وليس في ذلك عوض مما سار فيّ من الهجاء وفي عقبي من بعدي فقلت ما أراه يفعل ويقدم عليك .
فقال لي يا عاجز أهون عليه مما لم يكن أتراه أقدم على الرشيد والأمين والمأمون وعلى أبي ولا يقدم علي فقلت فإذا كان الأمر كذا فقد وفق الأمير فيما أخذه عليّ .
قال وكان دعبل صديقا لي فقلت هذا شيء قد عرفته فمن أين قال الأمير إنه مدخول النسب وهو في البيت الرفيع من خزاعة ولا يتقدمهم غير بني أهبان مكلّم الذئب فقال أسمع أنه كان أيام ترعرع خاملا لا يؤبه له وكان ينام هو ومسلم بن الوليد في إزار واحد لا يملكان غيره ومسلم أستاذه وهو غلام أمرد يخدمه ودعبل حينئذٍ لا يقول شعراً يفكر فيه حتى قال .
( لا تعجبني يا سلم من رجل ... ضحك المشيب برأسه فبكى ) .
وغنى فيه بعض المغنين وشاع فغني به بين يدي الرشيد إما ابن جامع أو ابن المكي فطرب الرشيد وسأل عن قائل الشعر فقيل له دعبل بن علي وهو غلام نشأ من خزاعة فأمر بإحضار عشرة آلاف درهم وخِلْعة من ثيابه فأحضر ذلك فدفعه مع مركب من مراكبه إلى خادم من خاصته وقال له اذهب بهذا إلى خزاعة فاسأل عن دعبل بن علي فإذا دللت عليه فأعطه هذا وقل له ليحضر إن شاء وإن لم يجب ذلك فدعه .
وأمر للمغني بجائزة فسار الغلام إلى دعبل وأعطاه الجائزة وأشار عليه بالمسير إليه